JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
المدونة الشخصية
Black Modern Vlogger YouTube Banner بواسطة hikmet2023 istanbul
الصفحة الرئيسية

آآآآه يا وطن


طلبت مني طالبة أن أكتب لها إنشاءً عن الوطن يساعدها في الامتحان النهائي، وكتابة الإنشاء من الأمور التي استهوتني طوال حياتي الدراسية، ولا زلت، غير أنني لأول مرّة أجد صعوبة في كتابة الإنشاء؛ والسبب هو الموضوع… هل يمكن أن تتخيل موضوعا أسهل من الوطن؟.

إنه الذي نحبه، ونعيش فيه، ونفديه بأرواحنا، وندافع عنه ونبذل في سبيله الغالي والرخيص…الخ، غير إنني وجدت صعوبة في الكتابة في هذا الموضع، وأخذ مني وقتا طويلا حتى انتهيت منه، ولم أكن مقتنعا بالصيغة التي كتبتها لأنني شعرت أنها لا تعبر عن ما في قلبي وروحي.

متأكد أن من يقرأ كلامي يستغرب منه بشدة! لأنني أنا نفسي استغربت الحالة عندي! وحين رجعت إلى نفسي وبحثت عن السبب، وجدت أن معنى الوطن في نفسي يحمل غصّة كبيرة، تكاد هذه الغصة تقضي على بقية باقية من حيوية تنبض بين العروق.

آه... يا إلهي ما لذي أصاب صورة الوطن في النفس والقلب والروح، حتى يأخذ الكلام عنه كل هذا العسر في الميلاد.

تؤلمني الأخبار التي تتحدث كل يوم عن قتيل هنا، وذبيح هناك، وانفجار هنا ومجزرة هناك.

فالوطن ينزف من كثرة السهام التي فتكت بجسده، والمواطن ما عاد يأمن على نفسه وماله وعرضه، ففي مرحلة ما كان القعود في البيت يعني السلامة من عبوات ومفخخات تتفجر في هذا الشارع، وذاك السوق وقرب ذاك المسجد، واليوم ما عاد القابع في بيته آمنا أبدا، فلا تدري في أي لحظة يدخل عليك من يعتقلك في حملة دهم أو تفتيش، ولعل عين جندي أو شرطي تسقط عليك فلا ترضى عن مظهرك فيقتادك إلى المعتقل يسومك سوء العذاب، ويتهمك بالإرهاب أو دعم الإرهاب، فإن لم يفلح في إثبات شيء من ذاك قال: لماذا لم تبلغ عن الإرهابيين!؟.

كنت جالسا أمام إحدى الفضائيات العراقية أتابع برنامجا إخباريا، استوقف المذيع شابا ليسأله عن المعيشة وتأخر البطاقة التموينية…الخ؟ رد الشاب عليه قائلا: والله يا أخي لقد فزعت عندما توقفت سيارتك بقربي!.

لم نعد نأمن على أنفسنا لا في البيت ولا في الشارع ولا في أي مكان، فالوطن بات كمستودع للذخيرة شبت فيه النيران، والصواريخ والقذائف تنطلق منه في كل اتجاه، تحرق كل شيء وتأخذ الأخضر بسعر اليابس.

حقيقة من يخرج من بيته في بلدي العراق منذ عام 2003 لا يدري لا هو ولا أهله أن كان سيعود أم لا؟ وإن عاد …فحمد لله على السلامة، وإلى غد لا يعلم إلا الله ماذا يحمل في ثناياه.

في أعماقي سؤال كل يوم يلح على ذهني المثقل بأخبار الدماء العراقية التي تسيل، واصلة الليل بالنهار دون توقف وبلا رحمة، لماذا يخرج هذا البلد من حرب ليدخل أخرى، ويتنقل من مجزرة إلى أختها ؟!.

من الحرب الداخلية التي خاضها نظام صدام ضد الأكراد في كردستان، إلى حرب إيران، ومن حرب إيران إلى حرب الكويت، ومن حرب الكويت إلى الحرب الداخلية التي خاضها النظام ضد أهلنا في الشمال والجنوب، ومع تغير رياح المصالح الدولية أزيح النظام الصدامي، لندخل في دوامة دم ما لها من قرار.

آه……..يا وطن

بملء الفم والروح والقلب والوجدان والضمير والنفس والأنفاس….آه يا وطن.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة