ا
بما أن الاتصال الجماهيري (الإعلام)
عملية معقدة تعمل على صياغة الرأي العام وتشكيل الوعي السياسي والثقافي والفني
والذوقي لعموم الجمهور؛ وكون هذه العملية تتم بوجود "المؤسسة الإعلامية التي
تشاد حول وسيلة اتصال آلية، كـ(المطبعة أو أجهزة الإرسال الإذاعية والتلفزيونية)
ويعمل في المؤسسة إعلاميون وفنيون. ويشرف الإعلاميون والمختصون في مجالات الإعلام
على إعداد الرسائل التي تخرج عن المؤسسة. أما الفنيون فيشغلون الأجهزة ويديرونها،
وتقوم وسائل الإعلام بإنتاج نسخ عديدة عن الرسالة الأصلية، بهدف إيصالها أو
توزيعها على المتلقين الذين يشكلون جمهور الرسالة، وهذا الجمهور يكون عادة كبيرا
ومتفرقا ينتشر في القرى والمدن؛ وهو لذلك غير متجانس، وتتفاوت مستويات أفراده
الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولكي تنال الرسائل الإعلامية من اهتمام الجمهور
وتشد انتباهه لمتابعتها، فلا بد أن تتمتع بمواصفات مختلفة، كـ(الوضوح والسلاسة
والإبداعية والمصداقية والفائدة) كما أن المضامين التي تعالجها هذه الرسائل
الناجحة أيضاً على تلبية احتياجات الجمهور كثيرة، إلا أن صنع هذه الرسائل الناجحة
يستدعي توفر قدرات خاصة في الإعلاميين أنفسهم، كـ(القدرة على التفكير بوضوح،
واستعمال اللغة بدقة، وإتقان فن إعداد المواد الإعلامية، ومعرفة الجمهور
واحتياجاته) فإذا ما نجح الإعلامي في هذه المسائل، فإنه سينجح دون شك في إقامة
علاقة اتصالية فعالة مع الجمهور المتلقي"1.
ونظرا لخضوع عمل وسائل الإعلام ووجودها
للظروف السياسية والاجتماعية للدولة والمجتمع الذي تنبثق عنه، وبما أن عام 2003
شهد تغييرا جذريا في نوع ونمط وطبيعة النظام السياسي في العراق؛ لذلك تأثر المشهد
العام للعمل الإعلامي في عموم العراق، حيث دخل في مرحلة الانفتاح وسقوط القيود
السياسية والقانونية، وولدت عشرات وسائل الإعلام في اقل من عام في عموم العراق
وخصوصا في مدينة الموصل 400كم شمال بغداد، ظهور المؤسسات الإعلامية بهذا الكم
والكيف كان له أسبابه ومشاكله وتأثيره في ساحة العمل الصحفي؛ لذلك يحاول هذا البحث
التعرض لهذه القضية بشيء من التحليل الموجز.
2– أهمية البحث :
تنطلق أهمية البحث من كونه يسلط الضوء
على مسرح العمل الإعلامي في مدينة تعد ثاني اكبر مدينة في العراق بعد العاصمة
بغداد من حيث عدد السكان، وتأثيره في نشوء واختفاء وسائل الإعلام وكذلك العوامل
التي تؤثر في أداء الصحفي والخطوط الحمراء التي يولدها الوضع السياسي والاجتماعي.
3 – أهداف البحث :
يهدف البحث إلى التعرف على ظروف وعوامل
ظهور وسائل الإعلام واختفائها، والمؤثرات التي تتعرض لها وسائل الإعلام المستمرة
في العمل.
4 – حدود البحث :
أ – الحد الموضوعي: نشوء وسائل الإعلام
والعوامل المؤثرة عليها.
ب – الحد المكاني : الموصل.
ج – الحد ألزماني : 2003 – 2008 .
5 – منهج البحث :
اعتمد البحث منهج الاستقراء والاستطلاع
والتحليل الموضوعي.
مقدمة
للحديث عن واقع الصحافة في العراق ومنها
مدينة الموصل لابد من إطلالة على هذا الواقع قبل عام 2003 حيث كانت الدولة التي
يقودها حزب واحد على مدى أكثر من ثلاث عقود تسيطر بقوة وبيد من حديد على مجمل
وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، بالإضافة إلى سيطرتها على المنافذ الأكاديمية
التي ترفد هذه الوسائل بالكوادر.
قبل انطلاق وسائل الإعلام الفضائية التي
توجت عصر ثورة الاتصالات عام 1990 كان حزب البعث الحاكم في العراق يسيطر على وسائل
الإعلام من خلال مجموعة مؤسسات منها:
- تلفزيون العراق المكون من محطتي بث الأولى
والثانية.
- إذاعة مكونة من قناتين (العراق) و
(صوت الجماهير) تبثان على مدار الساعة.
-مجموعة صحف يومية ومجلات سياسية وأدبية
واجتماعية من أهمها (جريدة الثورة، جريدة الجمهورية، جريدة القادسية..) و (مجلة
ألف باء، مجلة الأقلام..).
جميع الكوادر الصحفية التي تدير هذه
المؤسسات منتمية إلى الحزب الحاكم أو حاصلة على تزكية منه في أقل تقدير.
أما كليات ومعاهد الإعلام فهي تشترط على
المتقدم إليها أن ينتمي إلى الحزب الحاكم ويحصل على تزكية منه، وقد اضطر العديد من
المستقلين الراغبين في سلوك المسلك الإعلامي الأكاديمي للانتماء الشكلي إلى حزب
البعث كي يتم قبولهم.
بعد عام 1990 وبلوغ ثورة الاتصالات إلى
مرحلة كسر الحواجز والحدود عن طريق البث الفضائي استمر نظام الحكم في العراق على
نهجه المسيطر على وسائل الإعلام، واعتبر الوصول إلى وسائل البث الفضائي جرما يعاقب
عليه القانون، إلا انه وتبعا للتطور في استراتيجيات وسائل الإعلام وطرق وصولها
للجمهور فتح الباب أمام تعدد وسائل الإعلام داخل البلد. لكنه جعل هذه الخطوة شكلية
من خلال سيطرة شخص من داخل مؤسسة النظام على آليات التحكم في هذه التعددية ممثلا
في شخص ابن الرئيس الراحل صدام حسين، وبذلك صدرت مجموعة من الصحف والمجلات الأسبوعية
إلى جانب محطة تلفزيونية باسم تلفزيون الشباب تعود ملكيتها إلى ابن الرئيس الذي
يسيطر على مواردها المادية ويتحكم في استراتيجياتها التي لا تخرج عن عباءة النظام
الحاكم.
في مثل هذه الظروف جاء التغيير السريع
في المشهد العراقي في التاسع من نيسان 2003 لينتقل العراق من نظام حديدي يمسك على
زمام الأمور بقبضة من حديد، إلى نظام ديمقراطي وليد يحبوا على ميراث النظام السابق
بين حقول الألغام التي ألمت بالمشهد العراقي، ومع التغيير تغير كل شيء بما في ذلك
المشهد الإعلامي؛ فكل إنسان في العراق قادر على إنشاء مؤسسة إعلامية مقروءة أو
مسموعة أو مرئية دون أن يتطلب ذلك إذنا من أحد ولا رخصة من دولة ولا معايير تفرضها
مؤسسات نقابية أو مجتمع مدني، فضاء مفتوح لمن يملك المال والقدرة والرغبة على
اختراقه وإشغاله.
تعدد وكثرة
بعد تغيير النظام السياسي في العراق عام
2003 مباشرة بدأت وسائل الإعلام بالظهور على الساحة بشكل تدريجي، بحيث أصبحت تمتاز
بالتعدد إلى جانب الكثرة في عموم العراق ومنها مدينة الموصل؛ ويذكر مراقبون أنه من
أيار من عام 2003 وحتى أيار عام 2007 تم الإعلان عن عمل 154 وسيلة إعلامية مرئية
ومقروءة ومسموعة في مدينة الموصل بواقع 111 صحيفة أسبوعية و29 مجلة شهرية و14
سمعية ومرئية2؛ التعدد في وسائل الإعلام جاء من تنوع طرائق التمويل التي اقتصرت في
الغالب على الأحزاب والكتل السياسية الكبيرة التي تملك مقدرات مالية كبيرة، إذ
عمدت هذه الأحزاب إلى تأسيس وسائل إعلام خاصة بها تعمل على الترويج لأيدلوجياتها
وأفكارها وبرامجها من منطلق إدراكها لتأثير وسائل الإعلام في الحياة وتوجهات
الجمهور.
أما الكثرة في وسائل الإعلام وخصوصا
المقروءة منها من صحف ومجلات فيعود لأسباب مختلفة كما ذكر زملاء صحفيون عاملون في
مجال الصحافة الموصلية؛ خلال لقاءات استطلاعية أجريت معهم لغرض هذا البحث:
(سفيان المشهداني)3 صحفي بارز من الموصل
رأى أن سبب كثرة وسائل الإعلام في المدينة
تعود إلى أسباب عددية منها:
أولا - أنها نتيجة طبيعية للكبت والحصار
الفكري الذي تعرض له الشعب العراقي في مجال التعبير عن رأيه الذي صادرته أجهزة
النظام السابق فكانت اغلب وسائل الإعلام والصحف التي سرعان ما توقفت ظاهرة طبيعية
وولادة جديدة لواقع جديد في مجال الصحافة.
ثانيا - كانت هناك حاجة لظهور صحافة أخرى
تابعة للأقليات العراقية تعبر عن آرائها وطموحاتها وتطلعاتها العديدة بعد أن كانت
محرومة منها في الفترة الماضية فأصبح للايزديين والمسيحيين والصابئة وغيرهم من
اثنيات العراق العديدة صحافتهم الناطقة بأسماء تنظيماتهم الثقافية أو السياسية.
ثالثا - الحاجة إلى الصحافة التخصصية المتنوعة،
فالصحف الرياضية انتشرت ولم تعد تقتصر على صحيفة واحدة، وكذلك صحافة الطفل والصحافة
الأدبية والثقافية والسياسية والاقتصادية والمجلات بأنواعها، لكنها بدأت تعالج هموم
جديدة لواقع جديد مختلف فوجب عليها أن تكون لسان حال هذه التخصصات المجتمعية
المهمة.
(عمر صلاح الدين الحيالي)4 مراسل صحفي
موصلي أضاف إلى ما ذكر بخصوص أسباب كثرة
وسائل الإعلام:
رابعا - الدعم المالي الذي قدمه الجيش
الأمريكي في مدينة الموصل أدى إلى دخول فئة من الانتهازيين إلى ساحة العمل الصحفي؛
فعمل كل من لم يجد له ملجأً لكسب الرزق في تلك الفترة تحديدا، في هذا المجال،
فظهرت صحف ومطبوعات عديدة هدف أصحابها الوحيد هو الحصول على الدعم الأمريكي.
ويمكن أن نضيف إلى ما ذكر من أسباب:
خامسا - دخول الأحزاب السياسية إلى ساحة
المنافسة الحزبية في المدينة، حيث عملت هذه الأحزاب على إنشاء وسائل إعلام خاصة
بها، كما عملت على استقطاب أصحاب المواهب والكفاءات الأدبية والصحفية وقدمت لهم
دعما مشروطا لتأسيس وسائل إعلام تعمل كمؤسسات مستقلة ظاهريا وتقدم خدمات إعلامية
دعائية إعلانية للأحزاب والجهات السياسية.
سادسا - دخول المنظمات الدولية والجهات
المانحة على خط العمل الصحفي ترتب عليه تأسيس وسائل إعلامية تستمد وجودها وحياتها
من منح هذه الجهات.
سابعا - انفتاح الساحة الصحفية في
الموصل أمام بعض العاملين في مجال الصحافة العالمية والعربية خارج العراق أو في
منطقة إقليم كردستان العراق دفع البعض منهم للتفكير في استثمار خبراتهم الصحفية في
المدينة عن طريق تأسيس وسائل إعلام مستقلة غير مرتبطة بالأحزاب أو بالجيش الأمريكي
أو بالجهات المانحة بهدف التأسيس لإعلام حر قائم على التمويل الذاتي من خلال تسليع
الصحافة (أي تحويلها إلى سلعة تباع وتوفر دخل للمؤسسة الإعلامية) وكذلك الدعاية
التجارية التي توفر مداخيل جيدة لمعظم وسائل الإعلام في العالم، وتعتبر صحيفة (بلا
اتجاه) التي أسسها الشهيد (احمد شوكت) مراسل بي بي سي ثم دفع حياته ثمنا لها مثالا
على هذا النموذج.
ثامنا - دخول الحكومة المحلية إلى الوسط
الإعلامي كان من أسباب نشوء وسائل إعلام متعددة ومتنوعة في المدينة، فالحكومة
المنتخبة أدركت أنها بحاجة إلى الوصول إلى جمهور الناخبين في المدينة لغرض إظهار
انجازاتها ومكتسباتها، وأنشطتها وفعالياتها، فأسست لهذا الغرض وسائلها الإعلامية
الخاصة بها.
تاسعا - دخول مؤسسة الجامعة إلى ميدان
الصحافة بعد أن حرمت من هذا الحق على مدى عقود كان عاملا من عوامل ظهور المؤسسات الإعلامية،
حيث عملت جامعة الموصل على إنشاء إعلامها الخاص الذي ينافس في الساحة الصحفية
والثقافية.
الجدول التالي يبين أهم وابرز المؤسسات
الصحفية التي عملت في مدينة الموصل بعد عام 2003، وقد توقف معظمها عن العمل.
ت |
اسم المؤسسة |
رئيس التحرير او المدير |
العنوان |
الملاحظات |
1 |
جريدة الشورى |
نور الدين الحيالي |
الموصل – حي الغزلاني |
|
2 |
فتى العراق |
احمد سامي الجلبي |
المجموعة الثقافية |
|
3 |
وادي الرافدين |
دلوفان محمد صالح |
المجموعة الثقافية |
|
4 |
صوت بخديدا |
د. بهنام عطا الله |
قضاء الحمادنية – قرقوش |
|
5 |
كانيا سبي |
عيدان شيفان |
حي المصارف |
|
6 |
زهرة نيسان |
غسان سالم الياس |
قضاء بعشيقة |
|
7 |
تلعفر اليوم |
طارق محمد علي |
قضاء تلعفر |
|
8 |
الانقاذ |
اللواء عبدالوهاب محمد الجبوري |
حي المالية |
|
9 |
الحدباء اليوم |
عمار محمد الرزي |
شارع خالد بن الوليد |
|
10 |
اليقين |
اسماعيل خليل بكدش |
كراج الشمال |
|
11 |
اخبار الموصل |
ميسر حميد عبدالله |
الزهور |
|
12 |
الموصل الثقافية |
فارس حازم جويجاني |
الزهور |
|
13 |
شنكال |
حسين ابراهيم حمو |
سنجار |
|
14 |
زهرة الجبل |
ريان كامل بيبو |
القوش |
|
15 |
صوت القوش |
غزوان رزق الله |
القوش |
|
16 |
صوت الشعب اليزيدي |
امين فرحان جيجو |
سنجار |
|
17 |
شمس |
علي محمد اليوسف |
الدركزلية |
|
18 |
النوارس |
محمد البان |
الدركزلية |
|
19 |
ومضات جامعية |
د. سعدالله توفيق |
جامعة الموصل |
|
20 |
عراقيون |
ثابت عبدالستار |
المجموعة الثقافية |
|
21 |
العدالة |
باسمة عيسى سليمان |
برطلة |
|
22 |
صدى الموصل |
غانم اسماعيل |
المتحف |
|
23 |
الحياة الجديدة |
قرياقوس منصور كوركيس |
دورة الحمام |
|
24 |
الحدباء |
د. رعد محمود البرهاوي |
دندان |
|
25 |
الحياة الجديدة |
عبدالله سالم احمد الجبوري |
شارع النجفي |
يمكن ان تصدر صحيفتان بنفس الاسم لعدم
وجود ضوابط تنظم العمل الصحفي. |
26 |
النافذة |
سلوان رشيد |
الشرقاط |
|
27 |
السياسي |
جودت النعيمي |
---- |
|
28 |
الطليعة |
هلال ذنون |
--- |
|
29 |
الحدباء |
دريد كشمولة |
محافظة نينوى |
|
30 |
المسار |
هيفاء الحسيني |
المجموعة الثقافية |
|
31 |
دجلة |
--- |
المجموعة الثقافية |
|
32 |
مجلة مناهل جامعية |
ابي الديوه جي |
الجامعة |
|
33 |
مجلة الطفل |
ماهر العبيدي |
الفيصلية |
|
34 |
مجلة الموصل التراثية |
--- |
مجلة فصلية تعنى بتراث الموصل |
|
35 |
الرسالة |
--- |
مجلة فصلية دينية تثقيفية |
|
36 |
الاعجاز القراني |
--- |
مجلة فصلية |
|
37 |
تلفزيون آشور |
--- |
الحركة الاشورية |
|
38 |
قناة
الموصلية الفضائية |
غازي فيصل |
كوكجلي |
|
39 |
اذاعة النور |
محمد صادق أمين |
حي العامل |
اصبحت فيما بعد اذاعة دار السلام |
40 |
تلفزيون النور |
محمد صادق أمين |
حي العامل |
اصبحت فيما بعد تلفزيون الحدباء |
41 |
تلفزيون نينوى |
شبكة الاعلام العراقي |
المجموعة الثقافي |
|
42 |
اذاعة نينوى |
شبكة الاعلام العراقي |
المجموعة الثقافية |
|
انحسار واحتجاب عن الصدور
لم يتمكن جدول البحث أعلاه من حصر
وإحصاء جميع الصحف التي صدرت في المدينة خلال فترة البحث لان بعض الصحف اقتصر
صدورها على عدد واحد فقط أو اثنين، كما أن بعضا من المطبوعات صدرت بأعداد محدودة بمقدار
ما يستحصل مصدروها على المنح المالية من الجيش الأمريكي أو المانحين.
وقد شهد نهاية عام 2003 إغلاق 95% من
المطبوعات التي صدرت وأبصرت النور لأسباب عديدة؛ الزميل الصحفي (ياسر الحمداني)5 مدير
فرع الموصل للجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين أجمل هذه الأسباب في لقاء
اجري خصيصا لهذا البحث بما يلي:
أولا - انقطاع الدعم المالي الذي خصصه
الجيش الأمريكي لدعم الصحف والمجلات الذي خصصه لفترة محدودة.
ثانيا - عدم وجود خطط إستراتيجية من قبل
رؤساء تحرير المجلات والصحف؛ حيث اعتمد معظمهم على التمويل الذي يتلقاه من القوات
الأمريكية دون إيجاد بدائل تضمن استمرارية وديمومة الصدور في حال انقطاع الدعم.
ثالثا – المشرفون والعاملون على هذه
المطبوعات صحفيون متمرسون وليسوا من الأكاديميين الإعلاميين، لذلك لم يعملوا وفق
نظريات الإعلام وقواعده الأكاديمية ما تسبب بتراجع مطبوعاتهم في سوق الصحافة.
ويضيف الزميل سفيان المشهداني:
رابعا - انتهاء توجهات ممولي هذه
المطبوعات وتوقف تمويل الأحزاب لها ما دفعها للتوقف.
الزميل عمر الحيالي أضاف سببا خامسا:
خامسا - الخطر الأمني، إذ تعد مدينة
الموصل اخطر بقعة في العالم على العمل الصحفي بحسب تقارير دولية وإحصاءات لمنظمات
صحفية إذ قتل أكثر من 20 صحفيا عاملا في هذا القطاع أو مساندا له، بعد نيسان
(ابريل ) 2003، اغلبهم على يد الجماعات المسلحة وبعضهم على يد القوات الأمريكية
خلال الاشتباكات، فضلا عن الاختطاف والقتل فيما بعد. أضف إلى ذلك الاعتقالات التي
جرت لعدد منهم على يد القوات الأمريكية أو العراقية أثناء ممارسة المهنة أو خلال
مداهمة لمنزله، ويكاد لا يوجد صحفي في الموصل لم يتعرض للتهديد عبر الهاتف أو عبر
رسالة ورقية يجدها قرب منزله أو يتم تعليقها على أحدى الجدران في الساحات العامة.
ويمكن أن نضيف إلى ما ذكر:
سادسا- تسلط الحكومة المحلية في المدينة
على الصحفيين والصحافة بشكل عام، فبعد أن دخلت ميدان العمل الإعلامي في المدينة
عبر الإذاعة والتلفزيون ومطبوعات خاصة بها احتكرت الإعلانات الرسمية لمؤسسات الحكومة
ما حرم الصحف الأهلية من إيرادات الإعلانات التي تعتبر موردا مهما لديمومتها.
سابعا – قاطع العديد من الزملاء
الصحفيين المطبوعات التي كانت تستغل جهودهم ولا تقدم لهم في كثير من الأحيان أي
مقابل مادي، أو تقدم شيء رمزي لا يساوي حجم الجهد المبذول، ويؤكد المسح الميداني أن
العديد من المطبوعات اقتصرت في فترات من نهاية عام 2003 على رئيس التحرير أو شخص آخر معه.
الجدول التالي يوضح أهم وسائل الإعلام
المستمرة في الصدور
ت |
اسم المؤسسة |
التعريف |
الملاحظات |
1 |
صحيفة الحدباء |
صحيفة اسبوعية تابعة لمحافظة نينوى
يتولى رئاسة مجلس إدارتها محافظ نينوى دريد كشمولة، وهي صحيفة اخبارية اسبوعية |
|
2 |
صحيفة المسار |
صحيفة اخبارية سياسية ثقافية عامة،
تتراس تحريرها الزميلة هيفاء الحسيني، انتقلت مع كادرها الى سوريا بسبب الظروف
الامنية، وهي مستمرة في الصدور والتوزيع في المحافظة. |
|
3 |
صحيفة دجلة |
أسبوعية مقرها قضاء سنجار غربي الموصل
تعنى بشؤون اليزيدية . |
|
4 |
صحيفة نينوى |
أسبوعية اخبارية ثقافية عامة يصدرها
مجموعة من الصحفيين الشباب بتمويل ذاتي لذلك تحتجب بعض الاسابيع عن الصدور تبعا
للوضع المالي. |
|
5 |
صحيفة عراقيون |
صحيفة أسبوعية تصدر عن وكالة أنباء
(عراقيون). |
|
6 |
صحيفة فتى العراق |
أسبوعية تصدر عن تجمع الضباط الأحرار |
|
7 |
صحيفة صوت بخديدا صوت قضاء قرة قوش. |
اسبوعية سياسية ثقافية تصدر في قضاء
الحمدانية شرق الموصل تعنى بشؤون المسيحيين وأنشطتهم . |
|
8 |
صحيفة ومضات جامعية |
تصدر عن جامعة الموصل رئيس تحريرها
رئيس جامعة الموصل أبي الديوجي تعنى بشؤون وأنشطة جامعة الموصل. |
|
9 |
مجلة مناهل جامعية |
شهرية تصدر عن جامعة الموصل تعنى
بشؤون الجامعة يترأس مجلس ادارتها رئيس جامعة الموصل د.ابي (الديوجي) |
|
10 |
تلفزيون الحدباء |
محطة محلية تبث في دائرة نصف قطرها
10كم وتتبع الحزب الاسلامي العراقي. |
|
11 |
تلفزيون آشور |
محطة محلية تتبع الحزب الديمقراطي
الاشوري تحولت الى محطة فضائية ثم توقف البث الفضائي لاسباب غير معروفة. |
|
12 |
تلفزيون نينوى العراقية |
محطة إذاعة تبث في دائرة نصف قطرها
200كم تتبع شبكة الاعلام العراقي |
|
13 |
قناة الموصلية الفضائية |
يديرها الإعلامي المعروف غازي فيصل لا
تتوفر معلومات عن تبعية المحطة |
|
14 |
إذاعة دار السلام |
إذاعة دينية ثقافية تبث في دائرة نصف
قطرها 100كم تتبع للحزب الاسلامي العراقي |
|
أوضاع صحفيي الموصل
بلغ عدد العاملين في المؤسسات الإعلامية
الموصلية بحسب إحصائية إعلام محافظة نينوى أكثر من 100 صحفي من ضمنهم عدد من
الإناث. وفيما يلي معلومات عامة عن أوضاع الصحفيين..
أولا – الجانب المهني
من المعلوم أن مهنة الصحافة وأكاديمياتها
في العراق كانت مقتصرة على الحزب الحاكم وأتباعه؛ مع وجود حالات استثنائية تمكن البعض
من دخول هذه الأكاديميات بعد الانتماء الشكلي للحزب الحاكم بهدف الدخول في هذا
العالم، لذا فان معظم من عملوا في المهنة طرئوا عليها ودخل الأديب والموهوب
والطامح لدخول عالم الصحافة في المهنة وكل حاول إثبات وجوده في فضاء مفتوح وتعدد
تم الإشارة إليه.
وعن الظروف المهنية يقول الزميل الصحفي
عمر الحيالي:
- اغلب العاملين في مجال الصحافة
الموصلية لم يكملوا كلية أو معهد متخصص بالإعلام أو الصحافة، فهم إما خريجون
اختصاصات أخرى قد تكون علمية؛ أو غير حائزين على شهادة جامعية، لكنهم يتشبثون بأية
فرصة حتى لو كانت صغيرة للتعلم من خلال مواصلتهم المشاركة بالدورات، أو اقتناء
الكتب، أو البحث في الانترنت عن كل ما هو علمي أو أكاديمي، فترى الصحفيين العاملين
في المدينة وغالبهم من شريحة الشباب التي لا تتجاوز سن (35)عاما من العمر، اكتسبوا
خبرة من خلال الممارسة.
- الأمر الآخر الذي يعاني منه الصحفيون
قلة المعايشة مع وسائل إعلام محترفة، صحيح أن هؤلاء الصحفيين يعملون لصالح مؤسسات
إعلامية رصينة، غير أن صفة العمل كمراسل صحفي دون العمل كشريك لصحفي محترف لاكتساب
الخبرة وتزاوج وتلاقح المهارات، فترى المراسل يخطئ ويصيب ويراقب أداء المراسلين
المحترفين في أماكن أخرى، عبر كتاباتهم في الصحف أو أدائهم في التلفاز.
- شحة الكتب والمصادر الصحفية في
المكتبة العراقية عامة والموصلية خصوصا مشكلة أخرى بالنسبة للصحفي فنادرا ما نرى
كتابا أو مرجع للعمل الصحفي في المدينة وإذا وجد فهو قديم وتقليدي، أي معرفي أكثر
مما هو إعطاء مهارة وخبرة.
ثانيا – ظروف العمل
من المهم أن تتهيأ للصحفي الظروف
القانونية والاجتماعية الملائمة ليتمكن من ممارسة المهنة التي عدت سلطة رابعة في
العصر الحديث نظرا لدورها الرقابي على السلطات الثلاث التي تسير شؤون الدولة
المعاصرة (التنفيذية والتشريعية والقضائية) بل أكثر من ذلك فان الصحافة هي المرآة
التي يرى المجتمع عموما نفسه فيها ويعيد تقييم ذاته من خلالها.
– الجانب الأمني
تعد ظروف العمل الصحفي في العراق الأسوأ
في العالم، حيث وصف السيد (جويل سايمون) المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين هذه
الظروف بالقول "العمل كصحفي في العراق يظل من أخطر الأعمال في العالم. ويتعرض
العاملون في الصحافة للملاحقة والقتل على نحو منتظم يثير القلق. كما يتعرضون
للاختطاف تحت تهديد السلاح ثم يظهرون لاحقا وقد قتلوا بالرصاص في مكان الاختطاف.
هؤلاء الذين يتعرضون للقتل هم دائما تقريبا من العراقيين، ويعمل العديد منهم مع
وكالات الأنباء العالمية. ويضحي هؤلاء الصحفيون بحياتهم كي نتمكن نحن من معرفة ما
يحدث في العراق".
يصف الزميل ياسر الحمداني ظروف عمل
الصحفي الموصلي بالقول:
- بعد الانفتاح الإعلامي الكبير برزت
مشكله اكبر وهي استهداف الصحفيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية، حيث سقط العديد
من الصحفيين قتلى بيد المجاميع المسلحة وقتل أول صحفي في الموصل خلال العام ذاته
من سقوط النظام في 2يوليو 2003، واستمرت عمليات استهداف الصحفيين حيث اجبر العديد
منهم على ترك عملهم خصوصا من العاملين في المؤسسات الإعلامية الحزبية والأجنبية
بعد تلقيهم تهديدات بالقتل، أما لصحفيون الذين لا زالوا مستمرين فقد خرج معظمهم
خارج المدينة وسكنوا أطرافها ، والبعض الآخر هاجروا خارج العراق وتوقفوا عن العمل،
ولا زالت معانات الصحفيين مستمرة لحد الآن حيث تواجههم العديد من المشاكل في
مقدمتها المضايقات من قبل الأجهزة الأمنية.
الزميل عمر الحيالي أضاف قائلا:
- مهنة الصحافة في كل دول العالم
هي طريق لمن يبحث عن الشهرة، العكس يحصل
في الموصل! من يعمل صحفيا قد تجد والديه وأشقاءه فقط من يعرفون بمهنته ويحاول
جاهدا إخفائها عن الآخرين حفاظا على حياته، إذ أثرت المخاطر الأمنية على أداء
ومهنية العمل الصحفي في المدينة بشكل سلبي، فلا تجد صحفي في الموصل يستطيع حمل آلة
تصوير أو مسجل والنزول إلى الشارع لإعداد تقارير أو ريبورتاجات، أو اخذ رأي الشارع
حول قضية معينة، ربما تكون اجتماعية فيعزف الصحفي عن المخاطرة بنفسه وكشف شخصيته
أمام المجتمع، وهناك قلة ممن يحملون قلما، ودفترا صغيرا للقاء بمن يعرفونهم ويثقون
بأنهم لن يشوا بهم حتى عن حسن نية ويخرج الصحفي بالمحصلة بتقرير قد لا يحصل على
نسبة جيدة من الموضوعية.
ثالثا – العلاقة مع الحكومة المحلية
تتسم علاقة الحكومة المحلية في الموصل
بالصحفيين بالشك المتبادل، وتسعى الحكومة المحلية للوصاية على الصحافة بأسلوب
النظام السابق، وقد وجهت الحكومة المحلية تهديدات مباشرة لعاملين في الصحافة على
خلفية نشر أخبار ومعلومات، بل إن الحكومة المحلية تحتكر الأخبار والإعلانات للصحف
المرتبطة بها، وتمنع صحفيو وسائل الإعلام من الحصول على المعلومات.
يقول الزميل عمر الحيالي:
محافظ المدينة أصدر أمرا منع بموجبه عددا
من الصحفيين من دخول مبنى المحافظة أو حضور المؤتمرات الصحفية بسبب توجيههم سؤال
محرج له في لقاء من اللقاءات.
غالبية المدراء والمسئولين في دوائر
المحافظة يتجنبون لقاء الصحفي أو تزويده بخبر أو تصريح أو نشاطا الدائرة، فيضطر
الصحفي للحصول على المعلومات من خلال علاقاته الشخصية مع المسؤول وليس عن طريق
صفته الصحفية، أو عبر القنوات المتعارف عنها للحصول على المعلومات بطريقة شفافة
تؤمن العدالة أمام الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
رابعا – أجور الصحفيين
رغم أن مدينة الموصل من اشد مناطق العمل
الصحفي خطرا في العراق حيث يقدر عدد الصحفيين الذين قتلوا فيها بحوالي اكثر من 20
صحفيا، إلا أن أجور الصحفيين هي الأدنى في العراق، حيث يعمل الصحفي بمبلغ لا يتجاوز
المائة دولار في أفضل الأحوال، ويؤكد صحفيون وجود استغلال للصحفي الموصلي من قبل
المؤسسات الإعلامية التي يعلمون فيها ومن قبل المؤسسات العراقية والعربية التي
يعملون لصالحها كمراسلين، ويؤكد الزميل عمر الحيالي وجود صحفيين يعملون في مؤسسات
بدون مقابل حيث لا تدفع لهم المؤسسات التي يعملون لصالحها أي أجور، أو يتم التعهد
لهم بدفع الأجور ثم تخلف المؤسسة وعدها ولا يوجد لدي الصحفي ما يحاجج به قانونيا
للحصول على حقوقه.
الجدول التالي يبين اسماي شهداء الصحافة
الذين سقطوا في المدينة منذ عام 2003 ولغاية اعداد هذا البحث.
ت |
الأسم |
المؤسسة |
تاريخ الاستشهاد |
الملاحظات |
1 |
احمد كريم |
مراسل قناة كردستان الفضائية |
2 يوليو 2003 |
|
2 |
احمد شوكت |
رئيس تحرير صحيفة بلا اتجاه |
28 اكتوبر2003 . |
|
3 |
وعد
الله سرحان |
رئيس تحرير صحيفة أخبار الأسبوع |
2004 |
|
4 |
احمد جاسم |
قناة العراقية |
7 أكتوبر 2004 . |
|
5 |
كرم حسين |
مصور في وكالة برسفوتو الأوروبية
الإخبارية |
14 أكتوبر 2004. |
|
6 |
رائدة الوزان الموصل |
مذيعة في تلفزيون العراقية
نينوى |
28 فبراير2005 . |
|
7 |
حسام هلال سرسم |
مصور قناة فضائية كردستان |
14مارس 2005. |
|
8 |
خالد صبيح العطار |
منتج ومقدم برامج تلفزيون العراقية
نينوى |
1 يوليو 2005 |
|
9 |
أحلام يوسف |
مهندسة صوت قناة العراقية |
22 سبتمبر 2005 |
|
10 |
هند إسماعيل الزبيدي |
مراسله صحيفة السفي |
16سبتمبر2005 |
|
11 |
فراس المعاضيدي |
مدير مكتب صحيفة السفير في الموصل |
سبتمبر2005 |
|
12 |
احمد حسين المالكي |
محرر صحيفة تلعفر اليوم |
7 نوفمبر2005 |
|
13 |
صالح إبراهيم |
مراسل وكالة الاسو شيتد برس |
23 ابريل 2005 |
|
14 |
رياض محمد علي |
محرر
صحيفة تلعفر اليوم |
31-7-2006 |
|
15 |
محمد البان |
مصور قناة الشرقية |
14 نوفمبر 2006 |
|
16 |
فاديه محمد عبد الطائي |
صحيفة المسار |
16 نوفمبر2006 |
|
17 |
فضيلة عبد الكريم |
إذاعة الموصل |
27نوفمبر 2006 |
|
18 |
أسوان احمد لطف الله |
مصور وكالة الاسو شيتد برس |
13 ديسمبر2006 |
|
19 |
سحر الحيدري |
مراسلة وكالة أصوات العراق |
7 يونيو 2007 |
|
20 |
عامر مال الله الراشدي |
مصور الفضائية الموصلية |
5 سبتمبر2007 |
|
21 |
مهند غانم ألعبيدي |
مقدم برامج ومنتج في إذاعة دار السلام |
20 سبتمبر 2007 |
|
22 |
ايمان يوسف عبدالله والتى تعمل في الموصل وذلك يوم
الاربعاء المصادف |
اذاعة صوت الموصل التابعة لاتحاد
نقابات العمال |
11نيسان 2007 |
|
23 |
عبد الخالق ناصر |
|
28 ايلول 2007 |
|
24 |
زهير يوسف |
صحيفة الموصل اليوم |
28 حزيران2007 |
|
25 |
محمد نورى |
شبكة الاعلام العراقية |
20 /1/ 2007 |
|
26 |
بهاء حسين خلف |
شبكة الاعلام العراقية |
20 /1/ 2007 |
|
نماذج مروعة
تقول الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق
الصحفيين6 "لا يزال الصحفيون أهدافا سهلة المنال للجماعات المسلحة التي تنفذ أعمالها
الإجرامية بحق الصحفيين دون أي متابعة من قبل السلطة التنفيذية، وبات الصحفي
العراقي مستهدفا من قبل عدة جهات مجهولة حيث أصبح الصحفي لقمة سهلة بيد كل من هب
ودب".
في الموصل لم يكتفي المسلحون بقتل
الصحفيين، بل عمدوا إلى ارتكاب جرائم مروعة في تنفيذ هذه الجرائم بهدف إشاعة الرعب
في أوساط الصحفيين.
ويمكن اعتبار عملية اغتيال الصحفية
(إيمان يوسف عبدالله) التي تعمل في إذاعة صوت الموصل التابعة لاتحاد نقابات عمال
الموصل نموذجا مروعا لهذه الأعمال الإجرامية، فقد تم اختطافها مع زوجها من قبل
جماعة مسلحة مساء يوم 9-4 -2007 عند مغادرتها عملها في حي الوحدة جنوب مدينة
الموصل، وفي اليوم التالي اقتادهما المسلحون إلى منطقة حي التحرير شرق المدينة
وقاموا بقتلهما، ولم يكتفوا بذلك بل أقدموا على إحراق جثتيهما أمام أنظار الناس، ونقلا
إلى الطب العدلي بعد أن تفحمت جثتيهما، يذكر أن الشهيدة من مواليد الموصل 1964 ولديها
طفلتان.
الزميلة الصحفية سحر الحيدري نموذج ثاني
لبشاعة المسلحين، فقد تعرضت لمحاولة اغتيال بتاريخ 23-2-2006 اخترقت إطلاقه نارية
جسدها في منطقة البطن ونجت بأعجوبة وتسببت ألإطلاقه بأضرار كبير في منطقة الإصابة إلا
أنها لم تبلغ أحدا بالحادث في حينها حفاظا على حياتها –كما ذكرت-.
واستمرت في عملها كمراسلة لوكالة أصوات
العراق، ولم تشفع لها أنوثتها عند المسلحين الذي أقدموا على اغتيالها يوم 7 حزيران
2007 في منطقة حي الحدباء وهى تغادر منزلها، الحيدري تبلغ من العمر 40 عام متزوجة وأم
لأربعة أطفال.
سياسة وسائل الإعلام الموصلية
يستمد الإعلام رسالته من خلال طبيعة
الواجب المنوط به من حيث تأثيره وقدرته على توجيه الجمهور وصياغة الرأي العام، من
هذا المنطلق كانت حاجة مهنة الصحافة إلى مواثيق الشرف المهنية حاجة ماسة، وذلك
بقدر تعلق المهنة بواجب التفاعل مع الناس من خلال الدخول إلى حياتهم ومنازلهم.
السياسات التي تحكم وسائل الإعلام في
الموصل تتسم بالتوجه الفئوي والقومي والأيدلوجي، بحسب تبعية وسيلة الإعلام، ومن
هنا يعتمد القائمون على هذه الوسائل سياسات تضع المصلحة الحزبية والجهوية في أول
سلم الأوليات، بحيث يتم تطويع الأهداف العامة لتحقيق تلك السياسات، وهي ليست مشكلة
خاصة بالموصل فهي مشكلة تتعلق بالعراق الجديد حيث صبغت توجهات المجتمع بالصبغة
السياسية المنقسمة على ذاتها بحسب المصالح الطائفية والقومية والمذهبية.
أما الصحافة المستقلة فهي موجودة على
استحياء، حيث يتسم صوتها بالخفوت نظرا لضعف التمويل وعدم وجود بيئة مناسبة في سوق
الصحافة والإعلان بسبب الظرف الأمني، وبينما يرسم الإعلام الحزبي والفئوي لنفسه
خطوطا حمراء تناسب مع توجهات الممول وأهدافه، يرسم الإعلام المستقل خطوطه الحمراء
تبعا لتطورات الوضع الأمني والسياسي، ففي العراق الجديد لا وجود لوزارة إعلام تحدد
خطوطا حمراء للصحفيين ووسائل الإعلام، إلا أن الظرف الأمني والسياسي اجبر الصحفيين
على أن يرسموا لأنفسهم خطوطا حمراء لا يقتربون منها، وقام الرقيب الذاتي مقام
الوزارة والسلطة؛ ويمكن حصر الخطوط الحمراء التي لا يمكن أن تقترب منها وسائل الإعلام
وأسبابها فيما يلي:
اولا- انتقاد سياسات قوات الاحتلال
وأعمالها، يقول الزميل نور الدين الحيالي رئيس تحرير جريدة الشورى –توقفت عن
الصدور- "ان مصمم ورسام الجريدة ابدع فكرة رسم تعكس العمليات الامنية التي
كانت تقوم بها القوات الامريكية في انحاء مختلفة من العراق، تتلخص الفكرة بما يلي:
خارطة العراق باللون الاسود تلتف عليها افعا مجلجلة وتفتح فيها لتبتلع العراق،
القائد العسكري الامريكي في مدينة الموصل حضر الى مقر الحزب الاسلامي الذي تعود له
الجريدة وهدد مسؤول المركز باغلاق الحزب في المدينة إذا تكررت مثل حالة النشر هذه".
هذا الامر شكل نذيرا في حينه لكل وسائل
الاعلام التي قد تفكر في ممارسة حقها في التعبير عن رؤاها وتوجهاتها بحسب ما
يقتضيه النظام الديمقراطي وبعض النظر عن الاتفاق والاختلاف مع وجهة النظر تلك، وقد
وثقت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين عشرات حالات الاعتقال والمداهمة
ومصادرة الاجهزة لقوات الاحتلال ضد الصحفيين على خلفية النشر.
ثانيا – انتقاد الحكومة المحلية، تقول
الزميلة هيفاء الحسيني رئيسة تحرير جريدة المسار "ان جريدتها تعرضت عدة مرات
لتهديدات بالاغلاق والمحاسبة من قبل الحكومة المحلية على خلفية نشر اخبار وتقارير
تتعلق بعملها، بل ان امرا صدر باغلاق الجريدة من قبل المحافظة إلا انه تم إيقاف
التنفيذ عن طريق الاتصال بمتنفذين في الحكومة المركزية لهم علاقات طيبة مع
الجريدة".
ويشتكي صحفيو الموصل من تسلط الحكومة
المحلية التي يصفون تعاملها معهم بالشبيه بتعامل النظام السابق مع الصحفيين، وقد
سجلت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين تجاوزات صادرة من محافظة نينوى بحق
حرية الصحافة وجاء في تقرير الربع الثاني لعام 2007 حول الانتهاكات التى يتعرض لها
الصحفيين في العراق ما يلي: بتاريخ 21 نيسان 2007
اصدر محافظ نينوى أمرا يقضى بموجبه منع الصحفيين من حضور المؤتمرات وتغطية
وقائعها بحجة قيام بعض الصحفيين بانتقاد المحافظ .
من هذا المنطلق اعتبر نقد الحكومة
المحلية خطا احمر لا يمكن الاقتراب منه لمن يريد البقاء بعيدا عن المشاكل.
ثالثا – غياب دولة القانون في العراق
الجديد جعل من السهل على كل مجموعة او فئة من الناس ان تضع لنفسها ضوابط ومحددات
تمنع الاخرين من الاقتراب منها، وفي حال حصل ذلك فان قوة هذه المجموعة هي من تضع
حدا لذلك في غياب سلطة دولة القانون، هذا الامر انسحب على ممارسة العمل الصحفي،
حيث لايستطيع الصحفي الاقتراب من أي مسؤول او شخصية عشائرية بالنقد، وفي هذا الصدد
تقول الزميلة حنان سالم التي كانت تعمل سكرتيرة تحرير إحدى الصحف الموصلية " أنها
في بداية عام 2004 أجرت حوارا مع احد وجهاء المدينة، وقد حصل خطأ مطبعي أدى إلى
نشر فقرات من الحوار بشكل اخل بالمعنى، فما كان من هذا الوجيه إلا أن وجه حراسه
الشخصيين لاقتحام مبنى الجريدة وتم اقتياد الموجودين فيه معصوبي الأعين إلى مقر إقامته
حيث تم ضربهم وأطلق سراحهم في اليوم التالي مع الوعيد والتهديد".
وفي ظل غياب سلطة دولة القانون تتعدد
الخطوط الحمراء بتعدد الجهات ذات القوة والنفوذ.
رابعا – انتقاد الجماعات المسلحة يعتبر
من اخطر الخطوط الحمراء التي لا يمكن لأي صحفي أن يقترب منها لان ذلك يكلفه حياته
بكل بساطة، ولافرق عند الجماعات المسلحة ان كنت تكتب رأيا أو تنقل خبرا، وعلى سبيل
المثال لا الحصر فان وصف عمل اجرامي مثل تفجير مفخخة وسط مدنيين بالعمال الارهابي
امر غير ممكن في الاعلام الموصلي الحر، لذلك تلجأ الصحف إما إلى التغاضي عن الخبر
وعدم نقله أو التعليق عليه، أو التلاعب بالألفاظ ونقل الخبر دون التعليق عليه بما
يضمن عدم غضب هذه الجهات التي تملك سلطة تصفية المقابل في غياب سطوة الدولة، من هذا
المنطلق نشأت لغة تحريرية جديدة تعرف باتقان مواطن الخطر والمنع والسماح، أما
الصحفيون الموصليون الذين يعملون كمراسلين للوكالات العراقية والدولية فانهم
يستعيضون عن اللغة الخاصة بالعمل تحت اسماء مستعارة تتيح لهم ممارسة العمل بحرفية
دون الخوف من التصفية، وبالاستطلاع فقد توصل هذا البحث إلى ان 99% منهم يعملون
بأسماء مستعارة.
خامسا – الدين والعرف والتقاليد، تعتبر
مدينة الموصل من المدن العراقية المحافظة جدا، حيث تعتبر معقلا خصبا من معقل
الجماعات الدينية المحافظة، وتملك المدينة موروثا ثرا غزيرا من الاعراف والعادات
والتقليد إلى جانب التقاليد الدينية وكل هذه خطوط حمراء لا يمكن الاقتراب منها
بشكل مباشر، ولذلك ترسم الصحافة الموصلية لنفسها حدودا تقف عندها.
التوصيات
لغرض إيجاد صحافة حرة ومستقلة وقادرة
على ممارسة واجبها الرسالي، ولدعم وسائل الإعلام القائمة وضمان ممارسة دورها في
التوعية السياسية والثقافية والاجتماعية يوصي الباحث بما يلي:
1- العمل على إيجاد وسائل إعلام حرة
ومستقلة وغير مرتبطة براس المال، من خلال الدول أو المنظمات المانحة التي تمول
وسائل اعلام دون شرط او قيد لتحقيق هدف واحد هو ايجاد نواة صحافة حرة مستقلة قادرة
على الاستمرار عن طريق الاستثمار في سوق الاعلام.
2- اهتمام منظمات المجتمع المدني
الدولية والمحلية المعنية بالعمل الإعلامي بالمدينة ووضعها في إطار برامجها الإستراتيجية
وعدم التذرع بالوضع الأمني، حيث يمكن إيجاد بدائل متوفرة تضمن تحقق البرامج لحيت
استقرار الوضع الأمني، والعمل على دعم الكادر الصحفي الموجود في المؤسسات الإعلامية
القائمة والمستمرة في العمل عن طريق البرامج التدريبية المكثفة بحيث يتم سد نقص
الخبرة الاكاديمية التي اشار اليها البحث لدى الصحفيين بالتدريب المكثف، وتوفير
بعثات تدريب خارج العراق للصحفيين توفر لهم تعايشا مع وسائل الاعلام غير المحلية
خصوصا في المناطق التي شهدت تحولا ديمقراطيا في اوربا الشرقية وغيرها من المناطق.
3- العمل على إصدار تشريعات وقوانين تتيح
للصحفي الحصول على المعلومات والأخبار بشفافية وترفع تسلط الحكومة المركزية
والحكومات المحلية ووصايتها على عمل الصحافة بقوة سلطة القانون، وتحريم اقتحام
المؤسسات الصحفية واعتقال الصحفي على خلفية النشر مهما كان السبب.
4- حث الحكومة على إنشاء مكتب تحقيق
متخصص في كشف الجرائم التي طالت وتطال الصحفيين.
5- إنشاء معهد تدريب خاص بالصحافة
مرتبطا بشبكة البث العام (هيئة الإعلام العراقية) يقدم خدماته التدريبية للصحفيين
بشكل ممنهج بغض النظر عن الانتماء والهوية.
6- تقديم الدعم لمنظمات المجتمع المدني
العاملة في مجال الصحافة وحقوق الصحفيين بما يضمن ديمومة عملها.
7- تقديم التعويضات لذوي شهداء الصحافة،
ومن تعرضوا للخطف او لعاهات دائمة بسبب الاصابة المباشرة.
8- تشريع قانون يعتبر الاعتداء على
الصحفي اثناء ممارسة المهنة يساوي الاعتداء على موظف حكومي أثناء الدوام الرسمي.
9- حث الصحفيين على استصدار ميثاق شرف
صحفي يسمو بالعمل الصحفي عن الاستقطاب الحزبي والطائفي والقومي.
10- توفير دعم حكومي اقتصادي واجتماعي
للعاملين في ميدان الصحافة، وسن تشريعات تلزم المؤسسات الصحفية بالعمل مع الصحفيين
بنظام عقود موضحا فيه الحقوق والواجبات.
الهوامش
1- مدخل في الاتصال بالجماهير – محاظرة
د. احمد بدر
2- جريدة المدى وسائل الاعلام في الموصل
- ابراهيم سليم، 7 – اكتوبر -2007
3- صحفي ناشط في الموصل سكرتير تحرير جريدة نينوى الأسبوعية.
4 - مراسل صحفي موصلي عمل لصالح العديد
من الوكالات المحلية والعربية.
5- صحفي ناشط في مجال منظمات المجتمع
المدني ويعمل مراسلا في مدينة الموصل لعدد من الوكالات العراقية.
6- الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين
منظمة غير حكومية تعنى بترسيخ حرية الصحافة والتعبير وبتقديم المساعدة القانونية
للصحفيين مقرها الرئيسي في العاصمة بغداد ولديها عشرة مكاتب في العراق .
بحث قدم لـ(مجلس
البحوث والتبادل الدولي) المعروف اختصارا (IREX)